بيان من نقابة أطباء الشرقية حول التجاوزات الأمنية ضد الأطباء وذويهم



في عصر أصبحت الدول والمجتمعات النامية تتسارع بخطى حثيثة إلى تحقيق الغد الأفضل لمواطنيها في ظل حياة ديمقراطية ناصعة وإقامة الدولة المثلى التي يقف فيها الكل سواسية أمام القانون والدستور فلا فرق بين رئيس ومرؤوس ومواطن بسيط وذي نفوذ فالكل سواء مع تعظيم دور الفرد في صناعة مستقبل مشرق يرمي إلى حياة أفضل وإرساء قواعد مجتمع يخلو من الفقر والقهر والمرض والاستبداد.

ولكن ما حدث يوم الجمعة 28 مايو 2010 في نقابة أطباء الشرقية وتحديدا في نادي الأطباء الساعة الثامنة مساء كان عكس ذلك ونقيضه تماما حيث كانت هناك ندوة للذكرى الثانية والستين لاغتصاب أرض فلسطين العربية المسلمة وحضر هذه الندوة جمع غفير من الأطباء وذويهم ولفيف من أصحاب الفكر والرأي والقوى السياسية وممثلو الأحزاب والنقابات في الشرقية وممثلو بعض الصحف المستقلة وعدد كبير من الإعلاميين والناشطين والمهتمين بقضايا الأمة ومحنتها وقبل انعقاد الندوة فوجئ الحضور بحشد أمني مكثف غير مسبوق من قوات الأمن المركزي والقوات الخاصة وفرق الكاراتيه يربو عددهم على ألفين من الجنود المدججين وثمانية عشر سيارة مصفحة وحاملات جنود وثلاث سيارات للإطفاء.

فضلا عن التواجد الشخصي لقيادات الأمن بالشرقية على اختلاف رتبهم ومواقعهم مما أحدث حالة من الفزع الشديد والرعب بين الحضور خاصة زوجات وأطفال الأطباء وتم إغلاق كل الشوارع الرئيسية والفرعية المؤدية لمكان الندوة بالمتاريس والسيارات المصفحة وكذلك الكباري المحيطة ومحاصرة المكان من كل اتجاه... وكان السؤال الذي يطرح نفسه بشدة لمن تم حشد هذا العدد الهائل من قوات الأمن وهذه الجحافل المدججة بكل أنواع الأسلحة والعصي الكهربائية والهراوات الغليظة؟؟؟ أهي موجهة للعدو الصهيوني المغتصب لأرض فلسطين الناهب لثرواتنا المستخف بقادتنا ورؤسائنا الذي يقود حملة دولية لقطع مياه النيل عن مصر؟! أم موجهة للصوص والمفسدين وناهبي البنوك وأصحاب العبارات الغارقة ولصوص الآثار ومستوردي الكيماويات المسرطنة وتجار المخدرات؟؟؟!

ولكن للأسف الشديد هذه الحشود الهائلة كانت موجهة إلى صدور الأطباء وأبناءهم وزوجاتهم وضيوفهم، نعم كانت موجهة إلى ملائكة الرحمة وأصحاب القلوب الرحيمة والأيادي النقية البيضاء التي أسهرت ليلها على راحة المرضى والعجزة والمصابين وذوي الاحتياجات الخاصة طاعة لربها وإرضاء لضميرها وأداء للواجب الشرعي والوطني واستجابة للنداء الإنساني والوازع الديني ثم فوجئنا بحشد من رجال المباحث بمحاصرة باب النادي والانتهاك الصارخ للقانون والحرية الشخصية بتفتيش الأطباء والطبيبات والضيوف تفتيشا ذاتياً من قبل أحد رؤساء مباحث الزقازيق - المعروف بسيرته وأخلاقه- بلا سند قانوني وبطريقة فجة غير لائقة وغير مهذبة وخارجة على حدود الأدب واللياقة والعرف والقانون .

ثم كانت الطامة الكبرى بمطاردة أبناء وشباب الأطباء والضيوف بعد انتهاء الندوة بصورة همجية مقززة مهينة في الشوارع المحيطة بنادي الأطباء وتم اعتقال 28 من أبناء وشباب الأطباء والضيوف بواسطة قوات الأمن ورجال المباحث وتم الاعتداء عليهم بالضرب بصورة وحشية غاية في القسوة فضلا عن السباب والشتائم الخارجة التي يعف اللسان عن ذكرها أو التلفظ بها مما أدى إلى استياء العامة والمارة من هذه التصرفات الغير مسئولة واللا أخلاقية الممجوجة التي أساءت كثيرا إلى مصرنا العظيمة حضارة وتاريخا وقيادة وريادة بسلوكياتها الطائشة الهوجاء التي تنقصها الحكمة والفطنة وأساءت إلى كل مصري مخلص ينتسب إلى هذا الوطن وهذا الصرح العظيم.

ولذا فإن نقابة الأطباء بالشرقية (وهي مؤسسة من مؤسسات الدولة الراقية تنتمي إليها العقول النابهة والفئة الناضجة والشريحة المتميزة وعلماء الطب المصريين في العالم العربي بأسره بل وفي أوروبا والعالم الغربي) تأسف اشد الأسف لهذا التصرف الفردي غير المسئول من بعض قيادات الأمن بالشرقية الذين ينتمون إلى جهاز الشرطة العريق الذي نجله ونحترمه ونقدره صاحب الأيادي البيضاء في تأمين الجبهة الداخلية ونحن نضع هذه الانتهاكات والتجاوزات وهذا الاعتداء الصارخ بين يدي السيد اللواء وزير الداخلية الذي نعرف عنه الانضباط والحزم والحسم وحمايته للشرعية كما نضع هذه الأحداث المؤسفة أمام القيادة السياسية لمحاسبة كل من ينتهك القانون والدستور وتسول له نفسه باستباحة حرمة الآخرين ويسيء إلى ديننا ووطنا وعروبتنا.

والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل؛

نقابة أطباء الشرقية

Powered by Blogger